المطلب الأول: ماهية الجريمة في التشريع الإسلامي.
الفرع الأول: مفهوم الجريمة.
لتحديد مفهوم الجريمة سوف نتطرق لتعريف الجريمة في اللغة والإصطلاح، ثم التطرق للفرق بين الجريمة والجناية.
أولا: تعريف الجريمة.
1- الجريمة في اللغة.
" فأصل كلمة جريمة من جرم بمعنى كسب وقطع، ويظهر أن هذه الكلمة خصصت من القديم للكسب المكروه غير المستحسن، لذلك كانت كلمة جرم ويراد منها الحمل على فعل حملا آثما".
لذلك يصح أن يطلق كلمة الجريمة على إرتكاب كل ما هو مخالف للحق والعدل والطريق المستقيم، وإشتق من ذلك المعنى إجرام وأجرامو[1]. ومنه قوله تعالى ﴿ إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾ (سورة القمر،الأية:47)
2- الجريمة في الإصلاح:
للجريمة إصطلاحا معنيين أو مفهومين، مفهوم عام ومفهوم خاص.
أ-المفهوم العام للجريمة:
الجريمة هي" فعل ما نهى الله عنه، وعصيان ما أمر الله به، أو بعبارة أعم هي عصيان ما أمر الله به بحكم الشرع الشريف، وهو إتيان فعل محرم معاقب على فعله، أو ترك فعل مأمور به معاقب على تركه"[2].
وعليه فإن الفعل أو الترك لا يعد جريمة إلا إذا نصت عليه عقوبة. ويعرب الفقهاء عن العقوبات بالأجزية، وهي جمع جزاء، فإن لم يقترن الفعل أو الترك بعقوبة فليس بجريمة.
ب-المفهوم الخاص للجريمة:
عرف الماوردي الجرائم بأنها " محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير"[3].
ثانيا: الفرق بين الجريمة والجناية.
1- الجناية في اللغة: "الذّنب: وهو إسم لما يجتنبه المرء من شر. فيقال جنى فلان على فلان إذا أصابه الشر". وأصل الجناية والجريمة أصل إشتقاقهما من إقتطاف الثمر باليد، و إستخداما في كل ما يكتسب مما يسوء أو يضر[4].
2- الجناية في الإصطلاح الفقهي.
في الإصطلاحي الفقهي الجناية هي مرادف للفظ الجريمة، فالجريمة على أفواه الفقهاء جناية. فعند بعض الفقهاء يفهم أن الجناية يتم إطلاقها على كل فعل فيه إعتداء سوء يدخل في العقوبات التي هي حق لله أو التي هي حق للعبد. فالتعريف الشرعي للجناية يجعل الجناية مرادف لكل جريمة، فتتضمن كلمة جناية جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية وجرائم التعزير[5].
الفرع الثاني: أنواع الجرائم في التشريع الاسلامي.
هناك عدة تقسيمات للجرائم في التشريع الإسلامي ت.إ[6]، بحسب الزاوية التي ينظر منها إلى الجريمة أو الأساس أو المعيار المعتمد في تقسيم الجرائم، تبعا لذلك هناك من يعتمد على معيار جسامة العقوبة وهناك من يعتمد على قصد الجاني، وهناك من يعتمد على وقت إكتشاف الجريمة، وهناك من يعتمد على طريقة إرتكاب الجريمة ،وهناك من يعتمد على طبيعتها الخاصة للجريمة.
أولا: التقسيم المبني على جسامة العقوبة.
ثانيا: التقسيم المبني على القصد الجاني.
1- الجرائم المقصودة: هي الجرائم التي يقوم بها الشخص متعمدا ومريدا لها، مع علمه بالنهي عنها، وبالعقاب عليها. وعليه فهي تتطلب ثلاثة عناصر: العمد، الإرادة، والعلم بالنهي.
2- الجرائم غير المقصودة: هي التي تنعدم فيها نية الجاني لإتيان الفعل المحرم، إلا أن الفعل المحرم يحدث نتيجة خطأ الجاني.
ثالثا: التقسيم على حساب وقت كشفها.
1-جرائم متلبس بها: هي الجريمة التي يتم إكتشافها وقت وقوعها، أو بعد ذلك ببرهة قليلة.
2- جرائم لا تلبس فيها: هي التي لا يتم إكتشافها وقت وقوعها، أو التي يمضى بين وقوعها وإكتشافها زمن غير قليل.
رابعا: التقسيم حسب طبيعة الفعل المكون للجريمة.
1-الجرائم الإيجابية: الجريمة الإيجابية في الشرع هي القيام بفعل منهى عنه، مثل القتل، الزنا، السرقة.
2- الجرائم السلبية: الجرائم السلبية في الشرع هي الإمتناع عن القيام فعل مأمور به، أو كل تخلف أو إمتناع يحرمه الشارع، مثل إمتناع الشاهد عن أداء الشهادة.
خامسا: تقسيم الجرائم بحسب كيفية إرتكابها:
1- جرائم بسيطة وجرائم إعتيادية.
2- جرائم مؤقتة وجرائم غير مؤقتة.
سادسا: التقسيم على حسب طبيعتها الخاصة.
1- جرائم ضد الجماعة و جرائم ضد الأفراد.
2- جرائم عادية و جرائم سياسية[10].