المطلب الثاني: خصائص ومميزات التشريع الجنائي الاسلامي.
بمأن التشريع الجنائي الإسلامي هو فرع من فروع التشريع الإسلامي فإنه يتميز بنفس خصائص وسيمات التشريع الاسلامي، حيث يتميز هذا الأخير بالعديد من السمات والخصائص منها:

الفرع الأول: السمات العامة التي يتميز بها التشريع الإسلامي.
بمأن التشريع الجنائي الإسلامي جزء من التشريع الإسلامي فإنه يتميز بنفس السمات العامة التي يتميز بها الأصل.
أولا: الكمال.
جاءت الشريعة الإسلامية كاملة لا نقص فيها، جامعة تحكم كل حالة، مانعة لا تخرج عن حكمها حالة، شاملة لأمور الأفراد والجماعات والدول.
ثانيا: الشمول.
وقد صيغت الشريعة بحيث لا يؤثر عليها مرور الزمن، فجاءت نصوصها غير قابلة للتغيير والتبديل كما يحدث مع القوانين الوضعية. إذ تتميز نصوصها بالعمومية والمرونة حيث تحكم كل حالة جديدة ولو لم يكن بالإمكان توقعها.
ثالثا: إزدواجية الجزاء.
ترتبط الأحكام الشرعية بثواب أو عقاب أخروي كما ترتبط بعض الأحكام بالعقاب الدنيوي، العقاب في الأخرة مثل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ (سورة النساء الآية: 93)، والعقاب الدنيوي مثل القصاص لقوله تعالى ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ (سورة المائدة الآية:45)[1].
الفرع الثاني: السمات الخاصة بالتشريع الجنائي الإسلامي.
يتميز التشريع الجنائي الإسلامي بسمات خاصة به كفرع من فروع القانون الإسلامي وهي:
أولا: تقسيم الجرائم بحسب العقوبة.
من بين تقسيمات الجرائم في التشريع الجنائي الإسلامي التقسيم بحسب العقوبة لمقررة لها، وهي: جرائم الحدود، وجرائم القصاص والدية، وجرائم التعزير[2].
ثانيا: سقوط العقوبة بالتوبة في بعض الجرائم.
نص القرآن الكريم في المجال الجنائي على التوبة بإعتبارها عذرا يعفي من العقاب مثل جريمة الحرابة، بشرط أن تكون التوبة قبل المقدرة على المحارب أي قبل وصول يد سلطات الدولة إليه، أما حقوق العباد فلا تسقط بالتوبة بل تسقط في حالة عفو صاحب الحق عن حقه حسب الرأي الراجح في فقه الإسلامي[3].
ثالثا: ظهور أثر العقوبة على صاحبها.
تتميز جل العقوبات في الشريعة الإسلامية بأنها تكون ظاهرة العقوبة، مثل قطع اليد، جلد الزاني أمر الله بأن يشهد عقوبتهما طائفة من المؤمنين. وهذا ليس من قبيل الفضح أو التمثيل بالجاني، إنما هو ردع للفاعل ووعظ للناس، فعندما تكون العقوبة ظاهرة سيجتنب الناس الإقدام علي الجريمة خوفا من الوسم بعارها[4].
رابعا: الصبغة الدينية للتشريع الجنائي الإسلامي.
إن الأحكام الفقهية الإسلامية فضلا عن كونها أحكام قانونية، هي أحكام دينية مستمدة من الوحي مباشرة، أو من طرق الإستنباط الذي أرشد الوحي إلى جواز العمل بها والإعتماد عليها، وتستوى في ذلك الأحكام الجنائية والأحكام غير الجنائية في الفقه الإسلامي[5].
خامسا: القصاص والعقاب بالمثل.
شرع القصاص في الجناية العمدية، من أجل حفظ الجسد أو النفس، وذلك لأن قساوة العقوبة تقلل الإقدام عليها، وتتمثل الحكمة من القصاص في أن إذا أقدم على قتل أخر يذكر قتل نفسه، فيرتدع عن قتله، فيحيا به النفسان جميعا[6].