لقد ازداد الاهتمام الدولي بالفساد والمشكلات الناجمة عنه في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي على نحو لم يكن معهودا من قبل، وذلك نظرا إلى تعاظم الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية للفساد على التنمية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن المتتبع لواقع المنظمات والمؤسسات المعاصرة يلاحظ ذلك الحجم الهائل من القرارات والممارسات التي توصف باللاأخلاقية، وذلك على مستوى سائر الوظائف كالتخطيط والتنفيذ والمتابعة والمحاسبة وغيرها، أو في مجال الإنتاج والتسويق والتمويل وغيرها من الوظائف الأخرى، وهكذا أصبح لزاما على هذه الأخيرة تفعيل إطار أخلاقي وقيمي يضبط ممارسات وتصرفات مديريها وموظفيها تحت طائلة إلحاق الضرر بتأصيل فنون الخلل والفساد في كافة الأنشطة وجميع فئات المجتمع.

يهدف هذا المقياس إلى الإحاطة الشاملة بمصطلح الفساد ومحاولة توعية الطلاب بمخاطر الفساد ومضاره فضلا عن أساليب مكافحته وتوجيههم لتجنب كل مظاهره والمساهمة الفعالة في مكافحته بمختلف الوسائل المتاحة، وذلك كون طالب اليوم هو إطار الغد، وبالتالي فتوعيته بمخاطر الفساد هو العمل على القضاء على الفساد في العقول أولا على أن تكون نتائج مكافحة كل مظاهر الفساد مستقبلا وتحقيق التنمية المستدامة القائمة على المواءمة بين العائد الاجتماعي (التعليم والصحة)، العائد الاقتصادي (الحرية الاقتصادية) والعائد البيئي (سلامة النظم البيئية).

لذلك تأتي محتويات دروس مقياس الفساد وأخلاقيات العمل، لتختزل بعض الخفايا المتعلقة بظاهرة الفساد، وتسليط الضوء على سبل محاربتها مع الإشارة لواقع الظاهرة في بلادنا مشفوعا بتجارب دولية في مجال محاربة ظاهرة الفساد.