مكافحة الجريمة المعلوماتية على المستوى الدولي
إن مكافحة الجرائم المعلوماتية لا تتحقق إلا بوجود تعاون دولي على المستوى
الإجرائي والجنائي، وفي إطار الجهود الدولية المبذولة، فإن هناك العديد من الهيئات
والمنظمات الدولية التي تلعب دورا ملحوظا في إطار إبرام الاتفاقيات في محاولة منها
لترسيخ وجوب التعاون الدولي لمواجهة الجرائم المعلوماتية.
1- جهود الأمم المتحدة:
تبذل الأمم المتحدة جهودا لا يستهان بها في مجال محاولة التصدي للجرائم المعلوماتية وتؤكد على وجوب تعزيز العمل المشترك بين أعضاء المنظمة من أجل التعاون للحد من انتشارها وتعاظم آثارها، وقد حظيت الجرائم المعلوماتية باهتمام مؤتمرات الأمم المتحدة، وأبرزها ما جاء في هذا المجال ما يلي:
- عقدت منظمة الأمم المتحدة المؤتمر الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية من 12إلى 19أفريل 2015 بدولة قطر، وكان الموضوع الرئيسي للمؤتمر "إدماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في جدول أعمال الأمم المتحدة الأوسع للتصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي، ومشاركة الجمهور".
وقررت الجمعية العامة في قرارها (67-184) النظر في ما يلي: إنشاء حلقات عمل
من بينها تعزيز تدابير منع الجريمة والعدالة الجنائية للتصدي للأشكال المتطورة للجريمة، منها الجرائم المعلوماتية.
قرارات وتوصيات الجمعية العام للأمم المتحدة:
- القرار (45-121)عام 1990 و كذلك نشر دليل منع الجرائم المتصلة بأجهزة
الكمبيوتر ومكافحتها سنة 1994.
- القرار رقم (55-63) المؤرخ في 2000/12/04 و القرار رقم (56-121) المؤرخ
في 2001/12/19 بشأن «مكافحة استخدام نظم المعلومات الإدارية الجنائية لتقنية
المعلومات»، يدعو هذا القرار الدول الأعضاء عقد وضع التشريعات الوطنية لمكافحة إساءة استعمال تكنولوجيا المعلومات، على أن تأخذ بالاعتبار عمل لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية.
- القرار رقم (57-239) المؤرخ في 2003/01/31و القرار رقم (58-199) المؤرخ في
2004/01/30 بشأن «إنشاء ثقافة عالمية للأمن السيبراني» ودعوة الدول الأعضاء إلى
التعاون وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني.
2- جهود الاتحاد الدولي للاتصالات:
يوفر الاتحاد الدولي للاتصالات الذي يضم 192دولة و 700شركة من القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية منبرا استراتيجيا للتعاون بين أعضائه باعتباره وكالة متخصصة داخل الأمم المتحدة، وقد وضع الاتحاد الدولي للاتصالات مخططا لتعزيز الأمن الإلكتروني العالمي، ومن أهم أهدافه الرئيسية ما يلي:
- وضع استراتيجيات لتطوير نموذج التشريعات السيبرانية يكون قابلا للتطبيق محليا
وعالميا بالتوازي مع التدابير القانونية الوطنية والدولية المعتمدة.
- وضع استراتيجيات لتهيئة الأرضية الوطنية والإقليمية المناسبة لوضع الهياكل
التنظيمية والسياسات المتعلقة بجرائم الإنترنت.
3- جهود المنظمة الدولية للشرطة الجنائية الإنتربول:
تهدف المنظمة إلى تأكيد وتشجيع التعاون بين أجهزة الشرطة في الدول الأعضاء وعلى نحو فعال في مكافحة الجريمة، و تجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالمجرم والجريمة، وذلك عن طريق المكاتب المركزية الوطنية للشرطة الدولية الموجودة في أقاليم الدول الأعضاء. وتتبادلها فيما بينها، بالإضافة إلى التعاون في ضبط المجرمين بمساعدة أجهزة الشرطة في الدول الأعضاء، ومدها بالمعلومات المتوفرة لديها على إقليمها وخاصة بالنسبة لجرائم الإنترنت.
4- جهود المنظمة العالمية للملكية الفكرية:
تهدف إلى تشجيع النشاط الإبتكاري، و حماية الملكية الصناعية و المصنفات الأدبية والفنية، واهتمت بتوفير الحماية القانونية للبرامج المعلوماتية وقواعد البيانات، وتم الاتفاق على توفيرها بواسطة الاتفاقيات العالمية وخاصة "اتفاقية تريبس" و"اتفاقية بيرن" اللتان حثتا فيهما الدول الأعضاء على ضرورة تطوير تشريعاتها، وخاصة تشريعات حقوق المؤلف، كما يلزم الاتفاق الدولي الأعضاء في المنظمة بوجوب فرض إجراءات تنفيذية، وتدابير مدنية وإدارية، وعقوبات جنائية لمواجهة أي اعتداء على حقوق المؤلف وخاصة القرصنة.
5- جهود منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:
تضم هذه المنظمة في عضويتها 34دولة وضعت المنظمة توصيات إرشادية بخصوص أمن نظم المعلومات، ومن مجمل أعمال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول الجرائم الإلكترونية حصل اتفاق على ضرورة أن يغطي قانون العقوبات في كل دولة الأفعال التالية:
أ- التلاعب في البيانات المعالجة آليا بما في ذلك محوها. ب- التجسس المعلوماتي.
ج-التخريب المعلوماتي. د-قرصنة البرامج. هـ-الدخول غير المشروع على البيانات أو نقلها، واعتراض استخدام المعطيات أو نقلها.
6- جهود الاتحاد الأوروبي:
أعلنت "يوروبول" في 2014/09/01 وكالة تطبيق القانون الأوروبية، المتخصصة في مكافحة الجرائم والإرهاب في دول الاتحاد الأوروبي، عن إنشائها قوة خاصة لمحاربة الجرائم المعلوماتية في دول الاتحاد، كما أن عملها يمتد إلى دول أخرى.
وستكون مهمة القوة الجديدة التنسيق مع التحقيقات الدولية لاتخاذ التدابير اللازمة في
مواجهة التهديدات الرئيسية على الإنترنت، مثل البرمجيات الخبيثة وخاصة ما يستهدف منها القطاعات المالية ومكافحة عمليات الاحتيال المعلوماتية والمواقع التي تبيع الممنوعات وغير ذلك.
7- جهود الاتحاد الإفريقي:
طلب المؤتمر الاستثنائي لوزارة الاتحاد الإفريقي المسؤولين عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المنعقد في جنوب إفريقيا من 02إلى 05 نوفمبر 2009من مفوضية الاتحاد الإفريقي القيام بالاشتراك مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا بإعداد اتفاقية حول التشريع القضائي على أساس احتياجات القارة والالتزام بالمتطلبات القانونية والتنظيمية للمعاملات الإلكترونية والأمن الإلكتروني وحماية البيانات الشخصية.
كما أوصت بضرورة توفير الحماية القانونية لأنظمة المعلوماتية التي تعتبر قيمة بالنسبة للمجتمع مما يجعل من الضروري سن التشريعات ضد الجريمة الإلكترونية. وفي يونيو 2014 اجتمع مجموعة من قادة الاتحاد الإفريقي مكون من 54 حكومة أفريقية في القمة 23للاتحاد الإفريقي، ووافقوا على اتفاقية الاتحاد الأفريقي فيما يتعلق بمجال الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية.