أسلوب اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور

مكن المشرع الجزائري ضابط الشرطة القضائية من صلاحية اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور للكشف عن الجرائم المعلوماتية، وهي إجراءات تباشر بشكل خفي، على الرغم من تناقضها مع النصوص المقررة لحماية الحق في الحياة الخاصة.

و التقاط الصور يكون بالتقاط صورة لشخص أو عدة أشخاص يتواجدون في مكان خاص، مع استخدام هذه الوسائل في المحلات السكنية والأماكن العامة والخاصة.

أما تسجيل الأصوات، فيتم عن طريق وضع رقابة على الهواتف وتسجيل الأحاديث التي تتم عن طريقها، كما يتم أيضا عن طريق وضع ميكروفونات حساسة تستطيع إلتقاط الأصوات وتسجيلها على أجهزة خاصة، وقد يتم أيضا عن طريق التقاط إشارات لاسلكية أو إذاعية.

إن ما يهم هو أن مثل هذا الإجراءات يمكن له المساس بالحرية الشخصية، خصوصا إذا علمنا أن سرية المراسلات هي حق دستوري، فقد جاء في المادة 03من القانون رقم 04/09المؤرخ في 5أوت 2009 يتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال ومكافحتها أنه:

“مع مراعاة الأحكام القانونية التي تخص سرية المراسلات والاتصالات، يمكن لمقتضيات حماية النظام العام أو مستلزمات التحريات أو التحقيقات القضائية الجارية وفقا للقواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية وفي هذا القانون، وضع ترتيبات تقنية لمراقبة الاتصالات الالكترونية وتجميع وتسجيل محتواها في حينها والقيام بإجراءات التفتيش والحجز داخل منظومة معلوماتية".

بالإضافة إلى أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته، لذلك هل يجوز إثبات أو نفي الاتهام عن المشتبه فيه، باللجوء إلى وسيلة التسجيل الصوتي أو اعتراض المراسلات أو التقاط الصور في الأماكن العامة والخاصة، وخصوصا أن مثل هذه الإجراءات أو الوسائل قد لا تمس بشخص المتهم فقط، و كذلك بمن يحيطون به من أقاربه أو معارفه؟.

يفرق الفقه بين مصطلح اعتراض المكالمات الهاتفية وبين مصطلح وضع الخط الهاتفي تحت المراقبة، فبينما يكون الأول دون رضا المعني، يكون الثاني برضا أو بطلب من صاحب الشأن، ويخضع لتقدير الهيئة القضائية بعد تسخير مصالح البريد والمواصلات لذلك

ويعد هذا الإجراء الحديث من أهم إجراءات التحقيق، و يمكن المشرع ضابط الشرطة القضائية ممارسته للكشف عن الجرائم التي حددها على سبيل الحصر في المادة 65 مكرر 5 بموجب قانون الإجراءات الجزائية، تباشره الجهة القضائية في بعض الجنايات والجنح التي وقعت أو التي قد تقع في القريب العاجل، بمعنى أنها إجراء للتحري والتحقيق، وكل ما يتمخض عنها كدليل ضد كل شخص قامت تحريات جدية على أنه طرف في ارتكاب هذه الجريمة أو لديه أدلة تتعلق بها، وأن في مراقبة أحاديثه الهاتفية ما يفيد في إظهار الحقيقة، بعد أن صعب الوصول إليها بوسائل البحث العادية.

لكن مع ذلك، نجد المشرع حاول أن يوفق بين هذه المتعارضات، بأن أجاز هذه الأساليب، ولكن بضوابط وهي مباشرة التحري بإذن من وكيل الجمهورية المختص، و التزام أعوان وضباط الشرطة القضائية القائمين بالإجراء السر المهني، وفيما يلي نتولى شرح كلا الضابطين، فالمشرع على الرغم من إقراره أساليب تحري خاصة قد تمس بحرمة الحياة الخاصة إلا أنه يعاقب على اللجوء لاستعمالها بطرق غير مشروعة، وهو ما سنشير إليه على النحو التالي:

- مباشرة التحري بإذن من وكيل الجمهورية

لم يسمح المشرع بإجراء اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط الصور بقصد التحري والتحقيق عن جرائم المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، إلا بإذن من وكيل الجمهورية المختص، وتباشر هذه العمليات تحت مراقبته، وهذا ما قررته المادة 04من القانون 04/09التي جاء فيها أنه:

” لا يجوز إجراء عمليات المراقبة في الحالات المذكورة إلا بإذن مكتوب من السلطة القضائية المختصة”.

ويجب أن يتضمن الإذن كل العناصر التي تسمح بالتعرف على الاتصالات المطلوب التقاطها والأماكن المقصودة سواء أكانت سكنية أو غير سكنية، كما يجب أن يتضمن نوع الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذه التدابير ومدة هذه التدابير.

لذلك فإن الإذن المسلم من قبل وكيل الجمهورية للتحقيق في جريمة ما لا يصلح للتحقيق في جريمة أخرى، إلا بإذن جديد، كذلك يجب أن يتضمن الإذن كل الأماكن التي توضع فيها الترتيبات التقنية من أجل التقاط وتسجيل وتثبيت الكلام المتفوه به بصفة خاصة من شخص أو عدة أشخاص.

وعند مباشرة التحريات والتحقيقات، يحرر ضابط الشرطة القضائية المأذون له أو المناب من طرف القاضي المختص، محضر عن كل عملية اعتراض للمراسلات وتسجيل الأصوات والتقاط للصور، وحتى عن عمليات وضع الترتيبات التقنية وعمليات الالتقاط والتسجيل الصوتي أو السمعي البصري، كما يذكر في المحضر تاريخ وساعة بداية هذه العمليات والانتهاء منها، بحيث يشتمل المحضر على كل البيانات المذكورة سابقا وتكون محددة تحديدا نافيا للجهالة، ويجب أن يشتمل المحضر على توقيع محرره في نهايته، بعد أن يصنف أو ينسخ ضابط الشرطة القضائية المأذون له أو المناب، المراسلات أو الصور

أو المحادثات المسجلة أو المفيدة في إظهار الحقيقة في محضر يودع بملف المتهم، وتنسخ وتترجم المكالمات التي تتم باللغات الأجنبية عند الاقتضاء، بمساعدة مترجم يسخر لهذا الغرض.