تعريف الجرائم المعلوماتية
لتعريف الجرائم المعلوماتية وضع معيار يميزها عن الجرائم التقليدية صدر عن الفقهاء عدد من التعريفات، و هذه الأخيرة تتمايز و تتباين تبعا لموضوع العلم المنتمية إليه و تبعا لمعيار التعريف ذاته، فاختلفت بين أولئك الباحثين في الظاهرة الاجرامية الناشئة عن استخدام الكمبيوتر من الوجهة التقنية و أولئك الباحثين في ذات الظاهرة من الوجهة القانونية ، و في الطائفة الأخيرة تباينت التعريفات تبعا لموضوع الدراسة القانونية ذاته، و تعددت حسب ما إذا كانت الدراسة متعلقة بالقانون الجنائي أو متصلة بالحياة الخاصة أو متعلقة بالملكية الفكرية (حق المؤلف على البرامج).
و في إطار تعريف الجرائم المعلوماتية نجد أن أغلب التشريعات لم تضع تعريفا لهذه الأخيرة تاركة ذلك للفقه.
تعريف الجريمة المعلوماتية في الفقه
في إطار تعريف الفقه للجريمة المعلوماتية نجد أن الاتجاهات تباينت في هذا السياق بين موسع و مضيق لهذه الجريمة، و فيما يلي عرض لهذه التعاريف:
- من التعريفات المضيقة للجريمة المعلوماتية نورد التعاريف التالية:
كل فعل غير مشروع يكون العلم بتكنولوجيا الحاسبات الآلية بقدر كبير لازما لارتكابه من ناحية لملاحقته و تحقيقه من ناحية أخرى.
و حسب هذا التعريف يجب أن تتوافر معرفة كبيرة بتقنيات الحاسوب ليس فقط لارتكاب الجريمة بل كذلك لملاحقتها و التحقيق فيها، و هذا التعريف يضيق بدرجة كبيرة من الجريمة المعلوماتية.
كذلك عرفت الجريمة المعلوماتية بأنها: الفعل الغير مشروع الذي يتورط في ارتكابه الحاسب، أو هي الفعل الإجرامي الذي يستخدم في اقترافه الحاسوب باعتباره أداة رئيسية.
يرى الأستاذ (Tredman) أن : "الجريمة المعلوماتية تشمل أي جريمة ضد المال مرتبطة بالمعالجة الآلية للمعطيات".
و يرى الأستاذ (Mass) أن المقصود بالجريمة المعلوماتية: "الاعتداءات القانونية التي ترتكب بواسطة المعلوماتية بغرض تحقيق الربح".
في المقابل نجد أن هناك تعريفات حاولت التوسع في تعريف الجريمة المعلوماتية، فعرفها البعض بأنها: "كل فعل أو امتناع عمدي ينشأ عن الاستخدام غير المشروع لتقنية المعلوماتية بهدف الاعتداء على الأموال المادية و المعنوية".
و تم تعريفها كذلك بأنها: كل سلوك إيجابي أو سلبي يتم بموجبه الاعتداء على البرامج أو المعلومات للاستفادة منها بأي صورة كانت.
و ذهب خبراء منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية إلى تعريف الجريمة المعلوماتية بأنها: كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو بنقلها.
و في تقرير الجرائم المتعلقة بالحاسوب أقر المجلس الأوروبي بقيام الجريمة في كل حالة يتم فيها: تغيير معطيات أو بيانات أو برامج الحاسوب أو محوها أو كتابتها أو أي تدخل آخر في مجال انجاز البيانات أو معالجتها، و تبعا لذلك تسبب ضررا اقتصاديا أو تؤدي إلى فقد حيازة ملكية شخص آخر، أو بقصد الحصول على كسب اقتصادي غير مشروع سواء لمرتكب الجريمة نفسه أو لصالح شخص آخر.
تعريف الجريمة المعلوماتية في التشريع
تعريف الجريمة المعلوماتية في التشريع الجزائري:
بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد أنه قبل سنة 2004 لم يولي المشرع الجزائري العناية اللازمة بالجرائم المعلوماتية لكنه تدارك ذلك من خلال القانون رقم 04-15 المتضمن تعديل قانون العقوبات، الذي نصت أحكامه في القسم السابع مكرر على المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، ثم أعقبه القانون 09-04 المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتهما.
وعليه سيتم تناول تعريف الجرائم المعلوماتية في ظل القانون 04-15وكذا في ظل القانون 09-04 على التوالي.
استحدث مصطلح الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات بموجب القانون رقم 04-15 المتضمن تعديل قانون العقوبات، وذلك في المواد من 394 مكرر إلى 394 مكرر 8، حيث أشارت إلى بعض صور هذه الجريمة دون إعطائها تعريف و من بين هذه الصور ما يلي:
- كل من يدخل أو يبقى عن طريق الغش في كل أو جزء من منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات أو يحاول ذلك.
- حذف أو تغيير لمعطيات المنظومة.
- تخريب نظام اشتغال المنظومة.
- إدخال بطريق الغش معطيات في نظام المعالجة الآلية أو إزالة أو تعطيل بطريق الغش المعطيات التي يتضمنها.
- تصميم أو بحث أو تجميع أو توفير أو نشر أو الاتجار في معطيات مخزنة أو معالجة أو مراسلة عن طريق منظومة معلوماتية يمكن أن ترتكب بها أحد الأفعال السابقة.
- حيازة أو إفشاء أو نشر أو استعمال لأي غرض كان المعطيات المتحصل عليها من إحدى الأفعال السابقة.
وقد حاول المشرع الجزائري إعطاء تعريف لنظام المعالجة الآلية للمعطيات بموجب القانون رقم 18-07 المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي في المادة الثالثة التي نصت على أن المعالجة الآلية هي:"العمليات المنجزة كليا أو جزئيا بواسطة طرق آلية مثل تسجيل المعطيات وتطبيق عمليات منطقية و/أو حسابية على هذه المعطيات أو تغييرها أو مسحها أو استخراجها أو نشرها".
حاولت المادة الثانية الفقرة أ من القانون رقم 09-04 إعطاء تعريف لهذه الجرائم بأنها: " جرائم المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات المحددة في قانون العقوبات، وأي جريمة أخرى ترتكب أو يسهل ارتكابها عن طريق منظومة معلوماتية أو نظام للاتصالات الإلكترونية.
وهو نفس التعريف الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 211 مكرر 22من الأمر 21-11 المتمم لقانون الإجراءات الجزائية،والذي تم
بمقتضاه إنشاء قطب جزائي وطني متخصص في المتابعة والتحقيق في الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال والجرائم المرتبطة بها، وذلك على مستوى محكمة مقر مجلس قضاء الجزائر.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن المشرع الجزائري نظم الحماية الجزائية للمعطيات ذات الطابع الشخصي، وذلك قصد تحقيق المواكبة اللازمة لحماية الأفراد من مخاطر البيئة الرقمية في ظل التطور التكنولوجي المذهل، وذلك من خلال القانون 18-07 المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعية في مجال معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي السالف الذكر، حيث تضمن هذا القانون عدة جرائم ماسة بالمعطيات الشخصية، ترتكب إما أثناء عملية جمعها أو أثناء معالجتها أو أثناء استعمالها أو التصرف فيها، وهي كالآتي:
- جريمة استعمال الأساليب غير المشروعة في جمع المعطيات الشخصية.
- جريمة جمع المعطيات الشخصية المتعلقة بالوضعية الجزائية للشخص المعني.
- جريمة عدم استفاء الشروط المسبقة للمعالجة.
- جريمة خرق الالتزامات الواقعة على المسؤول عن المعالجة.
- جريمة استعمال المعالجة لأغراض غير تلك المصرح أو المرخص بها.
- جريمة الاحتفاظ بالمعطيات خارج المدة المحددة.
- جريمة السماح لغير المؤهلين بالولوج إلى المعطيات الشخصية.
- جريمة إيصال المعطيات المعالجة أو المستلمة إلى غير المؤهلين بذلك
تعريف الجريمة المعلوماتية في التشريعات المقارنة:
لم يعرف المشرع الإنجليزي في قانون إساءة استخدام الحاسوب عام 1990 جرائم الحاسوب، و ذلك بهدف عدم حصر القاعدة التجريمية في إطار أفعال معينة تحسبا للتطور العلمي و التقني في المستقبل.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائي الأردني لم يتطرق للجريمة المعلوماتية في قانون العقوبات.
أما قانون العقوبات الفرنسي فيعرفها بأنها:
'نظام المعالجة يتكون من ذاكرة، برامج معطيات، أجهزة ربط، يربط بينهم مجموعة من العلاقات تتحقق عن طريق نتيجة معينة و هي معالجة المعطيات، مع ضرورة أن يكون هذا المجموع أو المركب محمي بأجهزة أمان".