أركان العقد الدولي
العقد الدولي كغيره من العقود يحتاج لانعقاده إلى عدة أركان جوهرية و هذا ما سيتم تفصيله من خلال ما يلي:
التراضي
إن التراضي هو الأساس في أي عقد يتم ابرامه و يكون نتيجة لاتفاق إرادة طرفي العقد، و بالتالي تطابق الايجاب و القبول في العقد الدولي يكون عن طريق التفاوض في مجلس العقد إذا تمت المفاوضات بين الأطراف في مكان محدد، أو بتبادل الرسائل الالكترونية إذا تحدثنا عن التجارة الالكترونية التي تتم عن طريق الوسائط الالكترونية.
و بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد أنه في قواعد تنازع القوانين لم يتطرق للعقود الدولية و إنما ذكر بصفة عامة في نص المادة 18 من القانون المدني الجزائري الالتزامات التعاقدية في العقود الدولية حيث ورد فيها:
"يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.
و في حالة عدم إمكان ذلك، يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة.
و في حالة عدم إمكان ذلك، يطبق قانون محل ابرام العقد.
غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه".
و بما أن الرضا يقوم على تصرفات الشخص فمن الأساسي أن يكون الشخص كامل الأهلية،
و بما أننا نتحدث في هذا المقام عن عقود دولية فسنحيل فيما يتعلق بالأهلية لأحكام المادة 10 من القانون المدني الجزائري و التي ورد فيها:
"يسري على الحالة المدنية للأشخاص و أهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم.
و مع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر و تنتج آثارها فيها إذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص الأهلية، و كان نقص أهليته يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينه من الطرف الآخر، فان هذا السبب لا يؤثر في أهليته و في صحة المعاملة.
أما الأشخاص الإعتبارية من شركات و جمعيات و مؤسسات و غيرهما، يسري على نظامها القانوني قانون الدولة التي يوجد فيها مقرها الاجتماعي الرئيسي و الفعلي.
غير أنه، إذا مارست الأشخاص الاعتبارية نشاطا في الجزائر فإنها تخضع للقانون الجزائري".
و بالتالي تسري أحكام القانون المدني المتعلقة بالأهلية على الجزائريين في حالة ابرامهم لتصرفات مالية، و يعتبر كامل الأهلية وفقا للمادة 40 من القانون المدني الجزائري كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية، و لم يحجر عليه و سن الرشد المحدد في هذه المادة هو سن 19 سنة كاملة.
و بالنسبة للأجانب فيسري على أهليتهم قانون دولتهم، غير أنه إذا تعلق الأمر بتصرفات مالية عقدت في الجزائر و تنتج آثارها فيها فإن القانون الجزائري يحمي المتعامل الجزائري حسن النية إذا كان الطرف الأجنبي ناقص الأهلية.
و بالنسبة للأشخاص المعنوية خاصة الشركات باعتبارها أكثر الأشخاص الفاعلين في مجال التجارة الدولية فتخضع لقانون الدولة التي يوجد فيها مقرها الاجتماعي الرئيسي أو الفعلي، كما أخضع القانون الجزائري لأحكامه الأشخاص الاعتبارية الأجنبية التي تمارس نشاطها هنا بالجزائر.
المحل
يقصد بالمحل موضوع العقد و يشترط فيه:
• أن يكون معينا أو قابلا للتعيين
• أن يكون موجودا أو قابلا للوجود
• أن أيكون مشروعا أي أن لا يكون مخالفا للنظام العام و الآداب العامة.
و مثال ذلك عقد البيع الدولي للبضائع حيث يتم الاتفاق بين الطرفين (البائع و المشتري) على سلعة أو بضاعة ما و قد تكون مثلا: ملابس للأطفال و تبرم الصفقة بين شركتين إحداهما مثلا صينية و الأخرى جزائرية.
السبب
يجب أن يكون سبب إبرام العقد الدولي مشروعا أي أن لا يكون مخالفا للنظام العام و الآداب العامة.
الشكلية
قد يتم صياغة العقود الدولية و نحن نتحدث في هذا المقام عن عقود التجارة الدولية و يراعى في صياغتها مجموعة من المعايير، لعل أبرزها: استعمال لغة سليمة، أن يكون محرر العقد الدولي خبيرا بالمجال القانوني و كذا التجارة الدولية، اتقان اللغة المستعملة في العقد....
لكن الغالب في هذه العقود أنها تكون في شكل عقود نموذجية أو ما يعرف بالعقود النمطية و يقصد بها: العقود المطبوعة مسبقا، أو هي نماذج لعقود تعتبر حجة على الأشخاص الذين يقبلون صياغة عقودهم على منوالها.
و الجدير بالذكر أن البعض يرى أن العقود النموذجية لا تعتبر عقودا بالمعنى القانوني الدقيق، و إنما هي صياغة عقدية معدة سلفا و عادة تكون مطبوعة، و لا تكون حجة إلا على الأشخاص الذين ارتضوا بها كأن يقوموا بالتوقيع عليها (3)[1].
و قد وضعت اليونيدروا (UNIDROIT) مجموعة من المبادئ المتعلقة بالعقود التجارية الدولية و أشارت من خلالها إلى فكرة العقود النموذجية.
و بالرجوع إلى التشريع الجزائري نجد أنه تعرض للجانب الشكلي للتصرفات القانونية من خلال نص المادة 19 و التي جاء فيها:
"تخضع التصرفات القانونية في جانبها الشكلي لقانون المكان الذي تمت فيه.
و يجوز أيضا أن تخضع لقانون الموطن المشترك للمتعاقدين أو لقانونهما الوطني المشترك أو للقانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية".