حصة: الطفل المعرض إلى خطر معنوي

  • حصة: الطفل المعرض إلى خطر معنوي

    حماية المشرع الجزائري للطفولة في خطر معنوي

     

    المبحث الأول : السياسة الوقائية لحماية الطفولة في خطر:

         التطرق الى السياسة الوقائية لحماية الطفولة فى خطر، يؤدى بنا الى معرفة المراكز المتخصصة فى ايواء الحدث فى خطر معنوى، باعتبار أن هذا الأخير هو ذلك الشخص الذى لم يكمل سن الثامنة عشر  سنة، وكانت صحته أو تربيته أو أخلاقه معرضة للخطر، أو يكون على حالة مضرة بمستقبله فمن حيث النصوص القانونية يخضع الحدث فى خطر معنوي الى احكام الأمر 72/03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة والمراسيم المنظمة والمطبقة له، ثم نتطرق الي المهام الوقائية والتربوية لقاضى الأحداث فى خطر معنوى، وذلك من خلال دراسة المنظومة القانونية الجزائرية، ومدى اختصاص القاضى فى حماية الحدث، وفى الأخير نعرج أن هذا المبحث مخصص لدراسة الأليات والوسائل التى استعملها المشرع لحماية الطفولة من كل خطر قد يؤدي بها الي عالم الاجرام.

    المطلب الأول : المراكز المتخصصة للحدث فى خطر معنوي:

    نصت المادة الأولى من الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتعلق بحماية الطفولــة  والمراهقـة علـى أن: " القصر الذيـن لم يكملوا الواحد و العشرين عاما و تكون صحتهــــم  وأخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حمايتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهــم ، مكـن إخضاعهم لتدابير الحماية والمساعدة التربوية ضمن الشروط المنصوص عليها في المــواد الواردة بعــــده".  

    وتبين من خلال المادة الأولى – أعلاه – أنه إذا ثبت لقاضي الأحداث أن حدثا وجد في إحدى الحالات التي أشارت إليها، أمكن له زيادة على تدابير الحراسة الواردة في المادة 10 من نفس الأمر المذكـور سلفا أن يأمر باتخاذ تدابيـر الوضع بشـأن الحـدث الـذي هو خطر معنوي بصفة نهائية بإحــدى لمؤسسات التالية:

    - مركــــز للإيــــواء أو المراقبــــة.

    - مصلحــــة مكلفـــة بمساعدة الطفولـة.

    - مؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج.

     ومن استقرائنا لنص المادة 11 أعلاه من الأمر 72-03 نجد أن المشرع أشار إلى مراكز الإيواء أو المراقبة ، هذه الأخيرة لـم تكـن معروفة إلا بعد صـدور الأمر رقم 75-64 المؤرخ في 26/09/1975  المتضمـن إحــداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة و حصرها في المراكز التخصصية للحمايـة ،مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح SOEM والمكلفة خصيصا باستقبال الأحداث الذين هم في خطر معنوي وهو مـا سنتناولـه في الآتــي:

    الفرع الأول :المراكز التخصصية للحماية:

    تعتبر هذه المراكز مؤسسات عمومية ذات طابع إداري وتتمتع بالشخصية المعنويــة والاستقـلال المالي، تصدر بموجب مرسوم بناء على تقرير وزير الشبيبة و الرياضة، وهي مخصصة إيــواء الأحداث الذين لم يكملوا الواحد و العشرين 21 عاما من عمرهم بقصد تربيتهم و حمايتهـم و الذين كانوا موضوع أحد التدابير الواردة في المواد 5 و 6 و 11 من الأمـر رقم 72-03 المذكور أعلاه وهم الأحداث في خطر معنوي، ويستثنى من اختصاصها الأحداث المتخلفيـن بدنيا وعقليا ([1])، و هذا طبقا للمادتان 3 و 13 من الأمر رقم 75-64.

    بالإضافة إلى أنه يجوز لها قبول الأحداث الذين سبق وضعهم في المراكز التخصصية لإعادة التربيـة     وهو ما نصـت عليه المادة 14 من نفس الأمر ( 75-64) واستفادوا من تدبيـر إيوائهـم للعـلاج البعدي، لكن الملاحظ في الواقـع أنه أصبحـت هذه المـراكـز تستقبل مباشرة الأحداث الجانحين بالرغم من أنها غير مختصة قانونا لذلك، و لعل السبب هـو كثرة الأحداث الجانحين و قلة المراكز هو الذي أدى بوزارة التضامن الوطني، بعدما آلت إليها صلاحيـة الإشراف على هذه المراكز من قبل وزارة الشبيبة و الرياضة إلى مراجعة التمييز بيــن اختصاصات المراكز، واعتمدت في ذلك معيار السن إذ أصبحت المراكز التخصصية للحماية تستقبـل الأحـــداث الذيـــن يتراوح سنهـم ما بيـن07 و 14 سنة سواء من فئة الجانحيــن (Délinquants) أو مـن فئـة الذين فـي خطر معنـوي. (danger moral )

    كما نضيف في هذا الصدد تفضيل قضاة الأحداث ( أغلبيتهم ) وضع الأحداث في مراكز قريبة مـن مقر سكناهم سواء كانت متخصصة للحماية أو لإعادة التربيــــة.

    وكما هو الحال بالنسبة للمراكز التخصصية لإعادة التربية، فإن المادة 4/2 من الأمر 75-64 السالف الذكر، أجازت للوالي أو ممثله في حالة الاستعجال الأمر بوضع الأحداث فيها لمـدة لا تجاوز 08 أيام شريطة أن يرفع مدير المؤسسة الأمر فورا لقاضي الأحداث للبـت فيـه، ولا يمكن في أي حـال من الأحوال أن يتجاوز الإيواء المؤقت المنصوص عليـه فـي المادة 6 من الأمــر 72-03 في أي حال من الأحوال مدة 06 أشهر طبقا للمادة 5 من الأمر 75-64 ومــدة سنتين بخصوص عمليات الإيواء النهائي المنصوص عليه في المادة 11 من نفس الأمر ( 72-03) طبقا للمنشور الوزاري رقم 09 الصادر في 11-06-1974، علـى الرغـم مـــن أن المادة 12 من الأمر 72-03 لم تحدد مدته، وإنما أشارت إلى عدم تجاوزه في كل الحالات سن الرشــــد المدنــــــي([2])، وتشتمل المراكز التخصصية للحماية على ثلاثة مصالح والمتمثلــــة فـــي:

    أ) مصلحة الملاحظـة: مهمتها دراسة شخصية الحدث وإمكانياته وأهليته عن طريق فحوصات وتحقيقات متنوعــــة ( م 16 من الأمر 75-64).

    ب) مصلحة التربية: مكلفة خصيصا بتزويد الحدث بالتربية الأخلاقية والوطنية والرياضيــة والتكوين المدرسي والمهني بغية دمجه اجتماعيا، وذلك طبقا للبرامج الرسمية المعدة من الوزارات المعنية (م17 من الأمــر 75-64).

    ج) مصلحة العلاج البعدي: مهمتها البحث عن جميع الحلول التي من شأنها السماح الأحـداث بالاندماج الاجتماعي، لا سيما القادمين من مصلحة التربية أو من مركز متخصص لإعادة التربية ( م 18 من نفس الأمـــر).([3])

    إلى جانب المراكز التخصصية للحماية والمكلفة باستقبال الأحداث الذين هم في خطر معنوي، توجد مصالح أخرى لها دور هام وفعال في حماية هؤلاء الأحداث ، والمتمثلة في مصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوحSOEMO  وهوما سوف نتطرق كما يلي :

    الفرع الثاني : مصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح:

    هذه المصالح أسست كمؤسسات اجتماعية في سنة 1966 بمقتضى القرار الوزاري الصادر عن وزارة الشباب والرياضة المؤرخ في 21-12-1966 كان يطلق عليها في سنة 1963 اسم مصلحة حماية الطفولة، والتي كانت عبارة عن هيئة تربوية تنتمي إلى مصلحة الاستشـــارة التوجيهية التربوية بالعاصمة، موكول إليها مهام التكفل بالأحداث الذين هم في خطر معنـوي و إعداد البحوث الاجتماعية المتعلقة بهــــم([4])، ونص عليها الأمر رقم 75-64 المتعلق بإحداث المؤسسات والمصالـح المكلفة بحمايـة الطفولــة

    والمراهقة، إذ جاء في المادة 24 منه على أنه : " تنشأ مصالح الملاحظة والتربية في الوســط المفتوح بواقع مصلحة واحدة في كل ولايــــة ."

    وعرفتها المادة 19 من نفس الأمر على أنها مصالح ولائية، تأخذ على عاتقهـا الأحـــداث الموضوعين تحت إشرافهـــا وهـــــم :

    * الأحداث الجانحين الموضوعين تحت نظام الحرية المراقبة طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية لا سيما المادتان 444 و 455 منــــه.

    * الأحداث الذين في خطر معنوي الموضوعين تحت الملاحظة طبقا للمواد 5 و 10 من الأمــر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة وتتكفل أيضا بالأحداث الذين أمر قاضي الأحـداث أو الجهة القضائية الخاصة بالأحداث، بوضعهم لدى مصالحها، أو الأحداث المطلوب التكفل بهم من قبل المصالح المختصة بوزارة الشبيبة والرياضة وهذا حسب المادة 22 من الأمـر 75-64.

    كما يجوز لمصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح، التعاون مع المراكز المتخصصة لإعــادة التربية والمراكز المتخصصة للحماية، والقيام بجميع الأبحاث والأعمال الهادفة إلى الوقاية من سقوط الأحداث الذين في خطر معنوي في الجنوح، وذلك بمساعدتهم من خلال إجراء اتصالات مع آبائهم وأصدقائهم بما فيه الاتصال بأماكن قضاء أوقات فراغهم طبقا للمـــــادة 19 من الأمـــر المذكـــــور أعـــــــلاه([5])، وتشمل هذه المصالح على أقسام وهي كالآتــــــي:

    أ) قسم الاستقبال والفرز: يهتم بإيواء الأحداث و حمايتهم و توجيههم لمدة لا تتعدى 03 أشهر الذين عهد بهم من قاضــي الأحــــــداث.

    ب) قسم المشورة التوجيهية والتربوية: مهمته تتمثل في القيام بمختلف الفحوصات والتحقيقات قصد معرفة شخصية الحدث وبالتالي كيفية معاملته، وإعادة تربيته م 21 من الأمر 75-64.

    وتجدر الإشارة إلى أن مصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح يشرف عليها مــــدراء يساعدونهم موظفون إداريون و أطباء نفسانيون و كذا مساعدون اجتماعيون، أو بالأحــرى مندوبو الحرية المراقبة، حسب المادتـــان 19 و 21 من الأمر 75-64، بالإضــــافة للمــراكز السالفة الذكر نصت المادة 25 من نفس الأمر على نوع آخر والمتمثل في المراكز المتعددة الخدمات لوقاية الشبيبة  وهي عبارة عن ضم وتجميع للمراكز التخصصية لإعادة التربية  والمراكز التخصصية للحماية  ومصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح ضمن مؤسسة وحيدة، وهذا ما يمكن قوله فيما يتعلق ببعض المفاهيم، التي تحكم قضاء الأحداث وسنتناول في المطلب الثاني من بحثنا مختلف المهام الوقائية والتربوية التي يقوم قاضي الأحــــداث بهــــا، مع ملاحظة أنه عند الحديث عن المراكز المتخصصة لإعادة التربية المحدثة بموجب الأمر 75-64 المذكور سلفا([6])، فإنه يجدر بنا الإشارة إلى المرسوم رقم 87-261 المؤرخ في 01-12-1987 المتضمن إنشاء مراكز متخصصة في إعادة التربية و تعديل قوائم المراكز المتخصصة في حمايـــة الطفولة والمراهقة، والذي يعد المرجع الأساسي والدليل القيم في توجيه قضاة الأحــداث لا سيما إحاطتهم علما بأماكن تواجدها على المستوى الوطني.

    المطلب الثاني: المهام الوقائية والادارية لقاضى الأحداث فى خطرمعنوي:

         ان التطرق الي المهام الوقائية والادارية، يجعلنا قبل كل شىء نتطرق الي تشكيلة الجهة القضائية باعتبارها تختلف عن تشكيلة الحدث الجانح، ولذلك للتمييز بين الحدث الجانح والحدث في خطر معنوي، طبقا للتشريع الجزائري نقول بأنه يطبق على الأول قانون الإجراءات الجزائية وعلى الثاني الأمر رقم 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة، ونتيجة لهذا الاختـلاف بين الحالتين من حيث النصوص القانونية المطبقة عليهما، فإنه بالضرورة تكون تشكيلة الجهــة القضائية الناظرة في أمر الحدث في خطر معنوي أو المعرض للانحراف مختلفة عن تشكيلة الجهـة القضائية التي تنظرفي أمر الحدث الجانح أو المنحرف و بذلك فإن الأمر 72-03 السالــف الذكر في مادته 9/2 أشار على أن قاضي الأحداث ينظر في قضايا الأحداث الذين هم في خطر معنوي في غرفة المشورة، داخل مكتبه ودون حضور محلفين   وبسرية، وبالتالي فإن التمعن في هذا الإجراء، يظهر الدور التربوي والوقائي لقاضي الأحداث بصفــة جلية وبارزة باعتباره قاضي حامي للأحداث وليس معاقب لهم.

       لقد رأت غالبية الدول وجوب التوسيع من مهام و نشاط محاكم الأحداث بحيث لا تقتصر مهمتها على الجوانب العلاجية فحسب وإنما تمتد لتشمل الجوانب الوقائية، باعتبارها مؤســـسات اجتماعية لرعاية الطفولة، وقد عمدت في تشريعاتها إلى تحديد الأحوال التي يمكن لمحكمة الأحداث النظر في قضية الحدث وهي ليست بالضرورة أفعالا مخالفة للقانون، بل تتحقق بمجرد تواجد الحدث في وضع يهدده بخطر الجنوح أو يهدد مستقبله أو تربيته، وهي الحالات التي يطلق عليها في التشريع المصري بالخطورة الاجتماعية أو التعرض للانحراف، ويطلق عليها في فرنسا بـ (L’enfance en danger moral،    ويقابلها في التشريع الجزائري  حالات الخطر المعنوي الذي يهدد الأحداث، و هي بمقتضى الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة ثم معالجة مختلف الحالات الوقائية للحدث في خطر معنوي ومنح الاختــصاص في ذلك لمحاكم الأحداث التي تمارس دورا تربويا حمائيا بخصوص هذه الفئة والتي يرأسها قاضي الأحداث، هذا الأخير يمارس بمناسبة هذه التدابير العـديد من الصلاحيات الوقائية التربويـة بالإضافــة إلى صلاحياته الإدارية  بوجه عام التي تهم قضــاء الأحداث كزيارة مراكــز الأحداث وكـذا الإشـــراف على المصالح المكلفة بحماية ورعاية الأحداث، وتبعا لذلك سنتطرق إلى مختلف المـهام الوقائية لقاضي الأحداث في الفرع الأول لنفرد في الفرع الموالي للصلاحيات الإداريــة لقضاة الأحداث.

    الفرع الأول : المهام الوقائية لقاضي الاحداث:

    نصت المادة الأولى من الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 بحماية الــطفولة والمراهقة على أن :" القصر الذيـن لم يكملوا الواحـد والعشرين عاما وتكـون  صحتهـم وأخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حياتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهم، يمكن إخضاعهم لتدابير الحماية. والمساعدة التربوية ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد الواردة بعده".

    وبالنظر إلى هذه المادة، هناك عــدة حالات لتدخل قاضي الأحــداث من أجل وقاية الأحداث في خطر معنوي، واتخاذ عدة تدابير حمائية لمساعدة الحدث وتأهيله اجتماعيا وهذه الحالات هي وجود صحة الحدث أو خلقه أو تربيته في خطر يهدد بالإضرار به أو انحرافه، وهوالأمر الذي قد يرتب عنه وقوع الحدث في دائرة الجنوح، وعليه فإن هذه التدابير تتخذ طابع وقائي تربوي أكثر منه جزائي ردعي، وتمر بمرحلة التحقيق حول الظروف التي من شأنها أن تخلق أحد الحالات الخطيرة المنوه عنها، ومرحلة إصدار حكم يقضي بتدبير وقائي ملائم حسب الحالة لذلك سنتناول أولا المهام المتعلقة بالتحقيق مع الحدث في خطر معنوي وثانيا الحكم القاضي بالتدابير.

    1/ التحقيق مع الحدث فى خطر معنوي:

    التحقيق مع الحدث في خطر معنوي نظمه الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة لا سيما  في مواده من 3 إلى7 ، لكن وقبل التطرق إلى كيفية التــحقيق مع هذه الفـئة من الأحداث، نشير إلى طرق اتصال قاضي الأحداث بملف هؤلاء، حيث خول المشرع لكل من والد الحدث أو والدته أو الشخص الذي أســنـدت له حق الحضانة، الولي و كيل الجمهورية، رئيس المجلس الشعبي البلدي لمكان إقامة الحدث،  والمندوبـين المختصين بالإفراج المراقب، الحق في إخطار قاضي الأحداث وذلك بواسطة عرائض تخص كل حالة يوجد فيـها حدث في خطر معنوي ، كما أجاز له التدخل تلقائيا و النظر في مثل هذه الحالات أي بقوة القانون، وذلك بفتح ملف للحدث في خطر معنوي شريطة إخطاره لوكيل الجمهورية و هو ما نصت عليه المادة 02 من الأمر المذكور أعلاه )،و بعد اتصال قاضي الأحداث بقضية الحدث في خطر معنوي لا سيما استلامه للعرائض المقدمة من الجهات المذكورة في المادة 2 ، فإنه يقوم بقيدها في سجل خاص يسمى، سجل الأحداث في خطر معنوي ، ثم يخبر والدي الحدث أو ولي أمره ، إذا لم يكونوا مدعيين و إن اقتضى الحال القاصر كذلك و عند حضور هؤلاء يقوم باستفسارهم عن موضوع العريضة ، ويسجل آراءهم بالنسبة لوضعية ابنهم الحدث و كذا حول مستقبله، و هذا حسب المادة 3 من الأمر 72-03.

    إضافة إلى أن المشرع أجاز اختيار محامي سواء من الحدث المعني أو والديه أو ولي أمره، أو أن يقدموا طلب إلى قاضي الأحداث بتعيين له مستشار بصفة تلقائية شريطة أن يتم التعيين خلال 08 أيام من تقديم الطلب و هذا طبقا للمادة 7 من الأمر السالف الذكر

         ثم يقوم قاضي الأحداث بدراسة عميقة لشخصية الحدث ويكون ذلك عن طريق إجراء تحقيق اجتماعي و يتناول فيه ماضي القاصر من أصوله وبيئاته المتعاقبة ، لا سيما ما كان منها غير متفق مع سير الأمور العادي في حياة الإنسان  ويستوي في هذا أن تكون تلك الظروف أو الأحداث قد مرت به شخصيا أو صادفت أحد أفراد عائلته أو عبرت حياته بصورة عارضة وتركت فيه أثرا ما.

         و يلجأ قاضي الأحداث أيضا إلى إجراء فحوصات طبية أو نفسانية أو عقلية حيث يرتكز الفحص النفسي على المواد و الاختبارات، فليس الهدف تقدير المستويات و اتجاه القيم فقط وإنما للتأكد أيضا من معطيات التحقيق الاجتماعي في انحطاط العلاقات داخل الخلية العائلية وللتمســـك بالعوامل الايجابية لتربية الطفل داخل أو خارج الوسط العائلي عند الضرورة بعيدا أو قريـبا من فرد أو آخر من الأسرة.

         أما عن الفحص العقلي فإنه يمكن كشف التلــف العقلي المحتمل لدى الحدث ويمكن من تقييم مدى الصـعوبات الإضافية داخل العائلة و التحقيق من تقديرات البحث الاجتماعي و التحليل النفسي   وذلك بهدف الوصول إلى اقتراح حل ملموس يأخذ بعين الاعتبار كل ما سبق وقوعه للحدث، و هو ما نصت عليه المادة 04 من الأمر 72-03 الســالف الذكر حيث جاء فيها : " يتولى قاضي الأحداث دراسة شخصية القاصر لا سيما بواسطة التحقيق الاجــتماعي والفحوص الطبية و الطب العقلي والنفساني   ومراقبة السلوك ثم بواسطة فحص التوجيه المهني إذا كان له حمل"،والغرض من دراسة شخصية الحدث هو تـسهيل مهمة القاضي من أجل اتخاذ التدبيرالمناسب لفائدته.

     إلا أن هذا الإجراء جوازي لقاضي الأحداث يمكن الاستغناء عنه و ذلك إذا توافرت لديه العناصر  الكافية للتقدير لا سيما منها أثناء سماع الوالديـن و القاصر و هو ما أشارت إليه المادة 4/2 من الأمر 72-03 بنصها :"... و يمكنه مع ذلك إذا توافرت لديه عـناصر التقدير الكافية أن يصرف النظر عن جميع هذه التدابير و أن لا يأمر إلا ببعض منها " كما يجوز لقاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الحدث في خطر معنوي أن يتخذ بشأنه تدابير مؤقتة وهي على نوعين، تدابير الحراسة وتدابير الوضع والتي سوف يتم دراستها فى المبحث الثاني 

    2 / جلسة الحكم مع الحدث فى خطر معنوي: أشرنا سلفا إلى أن قاضي الأحداث بعد قفله للتحقيق بشأن الحدث في خطر معنوي يقوم بإرسال الملف إلى السيد وكيل الجمهورية للاطلاع عليه      و إبداء طلباته بخصوصه، إضافة إلى استدعائه للقاصر ووالديه أو ولي أمره، ثمانية أيام قبل النظر في القضية، و يعلم بذلك مستشار الحدث،و في اليوم المحدد للنظر في القضية فإن الجلسة تتم في غرفة المشورة برئاسة قاضي الأحداث و دون حضور المساعدين ويحضر فيها الحدث المعني ووالديه أو ولي أمره والمحامي إن وجد والذين يستمع إليهم من قبل قاضي الأحداث، هذا الأخير له الحق أيضا في الاستماع إلى أي شخص يرى شهادته حول القضية ضرورية من أجل الوصول إلى الحل الأنسب و الذي يخدم مصلحة الحدث ،كما يمكن لقاضي الأحداث أيضا إعفاء الحدث من حضور الجلسة كلما دعت الضرورة و مصلحة القاصر لذلك، و أن يأمر بانسحاب هذا الأخير من مكتب غرفته أثناء كل المناقشات أوبعضها، ويحاول استمالة عائلة الحدث بغرض الموافقة على التدبير الذي سيتخذه، وهذا كله طبقا للمادة 9 من الأمر72-03 السالف الذكر ،وللفصل في قضية الحدث في خطر معنوي فإن قاضي الأحداث مكنه المشرع من  اتخاذ تدبير أو أكثر من تدابير الحماية و الوقاية لفائدة الحدث و ذلك بصفة نهائية و يكون ذلك بموجب حكم يصدره في غرفة المشورة وهذه التدابير التي يمكن تقريرها تتمثل في، تدابير الحراسة وتدابير الوضع.

    الفرع الثاني : المهام الادارية لقاضي الأحداث:

    إن دور قاضي الأحداث لا ينتهي بإصدار الأحكام على الأحداث الذين في خطرمعنوي مثلما أسلفنا و إنما يتعداه إلى الإشراف على تنفيذ التدابير الحمائية و التربوية ، لذلك أعطاه القانون مجموعة من الصلاحيات لم تعطى لغيره من قضاة الحكم و الذين يقتصر دورهم على إصدار الأحكام، ولا يتعداه إلى التنفيذ الذي تتولاه جهات وهيئات أخرى كالنيابة العامة و رئاسة المحكمة و أعوان التنــفيذ لذلك فإن قاضي الأحداث يترأس اللجان التربوية المكلفة برعاية الأحداث على مستوى المراكز التابعة لوزارة التضامن (الحماية الاجتماعية) ،لذلك ارتأينا تقسيم مجمل صلاحيات قاضي الأحــداث إلى الزيارة والاشراف على مراكز و مصالح الأحــــداث، والثاني رئاسة اللجان التربوية.

    1/ الزيارة و الإشراف على مصالح ومراكز الأحداث: لقد أجاز القانون لقاضي الأحداث القيام بزيارات للمراكز المتخصصة ،ومن جهة ثانية منحه سلطة الإشراف على المصالح المكلفة برعاية الأحداث، وهذا ما سوف نتطرق اليه كالتالي:

    * زيارة قاضي الأحداث للمراكز التابعة لوزارة التضامن ( الحماية الاجتماعية ): وتحكمها المادة 18 من الأمر 72-03 التي نصت على أنه : "يجوز للمستشارين المنتدبين لحماية القصر و كذلك لقاضي الأحداث، أن يقوموا في أي وقت كان بتفتيش المؤسسات المنــصوص عليه في المادتين 6 و 11 من هذا الأمر والواقعة في دائرة اختصاصهم، ويكون تفتيش المراكز التابعة لوزارة التضامن و الحماية الاجتماعية في جميع الجوانب المتعلقة بإعادة التربية سيما منها توفر شروط النظافة، الصحة، الأمن، الغذاء، الكسوة، وكذا تطبيق البرامج التعليمية والتكوينية إضافة إلى النشاطات الثقافية والتربية والرياضية و كذا تفقد قاعات الأكل، الصيدلة، المراقد، الحمام و كل المرافق الأخرى الموجودة بهذه المراكز كالمصلحة الاجتماعية ، حتى يتمكن قاضي الأحداث من معرفة نشاطها و زيارة الأولياء لأبنائهم    و مدى تطور سلوك الأحداث بالمركز.

    * الاشراف علي مصالح الملاحظة والتربية في الوسط الفتوح : نص الأمر 75-64 المؤرخ في 26-09-1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة على هذه المصالح       وذلك في مواده من 19 إلى 24 ، وهي مصالح تأخذ على عاتقها الأحداث الموضوعين تحت نظام الحرية المراقبة، حيث يقوم المندوبون والمربون العاملون  بها، بمهمة مراقبة الأحداث وإعادة تربيتهم، ويكون ذلك بالاطلاع على الظروف المادية و الأدبية لحياة الحدث و صحته، وتربيته وعمله وحسن استغلاله لأوقات فراغه و كذا الانتقال إلى مختلف الأماكن التي يتردد عليها الحدث كالمدرسة، الشارع، الملاعب، المنزل ... الخ، وتحرر هذه المصالح تقارير دورية كل ثلاثة أشهر عن مهمتهم وعن تطور سلوك الحدث     ومدى استقامته وترسلها إلى قاضي الأحداث، إضافة إلى التقارير التي ترسلها إلى هذا الأخير في كل مرة   وفي الحال إذا ساء سلوك الحدث أو تعرضه لضررأدبي وكذا حالة حدوث عراقيل أو حواجز تمنع المندوب نفسه من تأدية مهامه و،إلى جانب التقارير النهائية المتعلقة بنتائج الفحوصات الإجمالية بخصوص شخصية الأحداث التي تعدها و ترسلها إلى قاضي الأحداث عند انتهاء التدابير المتخذة في شأنهم ناهيك عن البحوث الاجتماعية و الفحوص الطبية و النفسية التي يطلب قاضي الأحداث من هذه المصالح إعدادها بشأن الأحداث الموضوعين على عاتقها و ذلك بهدف تمكينه من تقرير و اتخاذ تدبير نهائي مناسب للحدث بقصد إعادة إدماجه في الوسط الاجتماعي.

    2/ رئاسة اللجان التربوية: تدعيما للدور التربوي لقاضي الأحداث فلقد خول القانون صلاحية رئاسة اللجان التربوية، وما يهمنا في هذا الموضوع هو لجنة العمل التربوي المشكلة في المراكز التابعة لوزارة التضامن المحدثة بموجب الأمر 75-64 المحدث امؤسسات ومراكز حماية الطفولة والمراهقة، ونصت عليها المادة    16 من الأمررقم 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة حيث جاء فيها: " تنشأ لدى كل مركز اختصاصي و دارللإيواء لجنة عمل تربـوي تكلف بالسهرعلى تطبيق برامج معاملة القصرو تربيتهم و يجوز لهذه اللجنة المكلفة كذلك بدراسة تطور كل قاصر موضوع في المؤسسة أن تقترح في كل حين على قاضي الأحداث إعادة النظر في التدابير التي سبق له اتخاذها ".

    من خلال المادة 16 من الأمر 72/03 ، نقول بأن لجنة العمل التربوي تتكفل بمتابعة تطور المعاملات التربوية المبرمجة والمطبقة على الأحداث،واقتراح إعادة النظر في تدابيرالوضع على قاضي الأحداث وتسهر على حسن تطبيق القوانين والأنظمة الخاصة بسير المراكز لاسيما الأمررقم75- 64المحدث لمؤسسات ومراكزحماية الطفولة و المراهقة،وتنسيق العلاقات القائمة بين إدارة المراكز وقضاة الأحداث الذين أمروا بالوضع،و الاطلاع على ملفات الأحداث، و تتبع وضعيتهم داخل المركزو السهرعلى إعادة إدماجهم في الوسط الاجتماعي و تتشكل لجنة العمل التربوي هذه من:

    - قاضي أحداث رئيسا .

    - مدير المؤسسة

    - مرب رئيس

    - مربيان آخران .

    - مساعدة اجتماعية إن اقتضى الحال .

    - مندوب الإفراج المراقب .

    - طبيب المؤسسة إن اقتضى الحال .

    ويوجد مقرها في المؤسسة أو المركز الذي يوجد فيه الحدث، و تنعقد مرة واحدة على الأقل كل ثلاثة أشهر بناء على دعوة رئيسها، و هذا طبقا للمادة 7من الأمر 72-03 المشار إليه سلفا .

    كخلاصة لهذا المبحث نقول أن قاضي الأحداث يعد من القضاة المتمرسين في شؤون الأحداث يختار لدرايته الخاصة بهذه الشؤون وللعناية التي يوليها للأحداث، والملاحظ أن المهام التربوية والصلاحيات المتعلقة بالأحداث في خطر معنوي يطغى عليها الطابع  التربوي والوقائي، لذلك فانه بمناسبة مباشرة هذه المهام له علاقات متعددة مع  العديد من المصالح والمراكز التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، والملاحظ كذلك أن حماية الطفولة في خطر، أو الحدث في خطر معنوي يحكمها الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة .

    المبحث الثاني : التدابير القانونية المتخذة وكيفية مراجعتها:

    الملاحظ أنه هناك تدابير قانونية يتخذها قاضي الأحداث، وهي تدابير مؤقتة يتخذها أثناء التحقيق، وهناك تدابير نهائية، كل من هذه التدابير تسبقها مراحل، وهي مرحلة التحقيق ومرحلة اجراء المحاكمة، ومادام المشرع أقر للقاضى حق اتخاذ التدابير اللازمة من أجل حماية الحدث فى خطر معنوي من الانحراف، فانه بالمقابل أعطاه الحق في مراجعة هذه التدابير بما يتماشي ومصلحة الحدث.

    المطلب الأول : التدابيرالقانونية لحماية الحدث في خطر معنوي:

    يمكن لقاضى الاحداث اتخاذ تدابير مؤقتة وتدابير نهائية وسوف نتطرق اليها كما يلي:

    الفرع الأول : التدابير المؤقتة أثناء التحقيق:

    قبل التطرق الي هذه التدابير التي يتخذها القاضى لحماية الحدث في خطر معنوى، وجب التطرق الي المرحلة التي تسبق اتخاذ هذه التدابير، وهي كيفية اتصال القاضى بالملف و التحقيق معه، لذلك نطرح سؤال حول من له الحق في تقديم عريضة يطالب من خلالها اتخاذ تدابير قانونية لحماية الحدث ؟

    بالرجوع الي الأمر 72/03 المتضمن حماية الطفولة والمراهقة، نجد أن ولي الحدث أو والدته أو من يسند اليه حق الحضانة،أوالوالي، أو وكيل الجمهورية، او المندوبين  المختصين بالافراج المراقب،نجد ان هذه الفئة هي التي لها الحق فى المطالبة، أما فيما يخص التدابير في كالاتي :

    1/ تدابير الحراسة : نصت عليها المادة 05 من الأمر 72-03 التي جاء فيها أنه : " يجوز لقاضي الأحداث أثناء التحقيق، أن يتخذ فيهما يخص القاصر و بموجب أمر بالحراسة المؤقتة التدابير التالية :

    - إبقاء القاصر في عائلته .

    - إعادة القاصر لوالده أو لوالدته الذان لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عن من يعاد إليه القاصر .

    - تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة.

    - تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.

    ويجوز أن يكلف مصلحة المراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة بملاحظة القاصر في وسطه العائلي أو المدرسي أو المهني عند الاقتضاء و ذلك عندما تتخذ بحق القاصر تدابير الحراسة المؤقتة المنصوص عليها أعلاه ."مع ملاحظة أن المشرع عند النص علي التدابير المؤقتة في المادة 5 من الأمر 75/64 لا يمكن تجاوز عمليات الايواء المؤقت المحدد في المادة 5، 6 ، 7 ، 8 من الأمر 72/03 وهى مدة ستة أشهر.

    2/ تدابير الوضع: منصوص عليها في المادة 6 من نفس الأمر حيث جاء فيها أنه " يجوز لقاضي الأحداث أن يأمر زيادة عما تقدم بصفة مؤقتة إلحاق القاصر بـ:

    - مركز للإيواء .

    - مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .

    - مصلحة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج "

    وتجدر الإشارة فيما يتعلق بالتدابير السالفة الذكر أنه يجوز له أيضا و في أي وقت التراجع عنها أو تعديلها تلقائيا أو بطلب من الحدث نفسه أو والديه أو ولي أمره أو وكيل الجمهورية، وهنا أوجب المشرع على قاضي الأحداث البت في هذا الطلب المقدم من الجهات المذكورة وجوبا خلال مهلة شهر تلي تقديم الطلب و هو ما نصت عليه المادة 08 من الأمر الســـالف الذكر ( 72-03)

         ويقوم قاضي الأحداث بعد غلق التحقيق بإرسال ملف القضية إلى السيد وكيل الجمــهورية للاطلاع عليه، ثم استدعاء القاصر ووالديه أو ولي أمر ه بموجب رسالة موصى عليها مع طلب علم الوصول،     وذلك قبل 08 أيام من النظر في القضية وهو ما يجرنا إلى معالجة المرحلة الثانية التي تلي التحقيق في قضايا الأحداث في خطر معنوي والتي فيها يصل قاضي الأحداث إلى حل نهائي بخصوص القضايا المعروضة عليه، ويفصل فيها بموجب حكم، وهذا ما سوف يتم التطرق اليه من خلال التدابير النهائية.

    الفرع الثاني: التدابير النهائية: ان قاضى الأحداث قبل اصدار التدابير النهائية ، يقوم بالتحقيق مع الحدث في خطر معنوي حسب المادة 3، 4، 7 من القانون 72/03، حيث يقوم القاضى بدراسة شخصية الحدثبواسطة التحقيق الاجتماعي والفحوص الطبية،والطب العقلي و النفساني، ثم فحص التوجيه المهني اذا كان له محل،لذلك بموجب المادة 10-11 من الامر 72/03 منح له اتخاذ تدابير نهائية في حق الحدث في خطر معنوى، سواء كانت تدابير الحراسة أو تدابير الوضع والتي وجب أن يتم تبليغها الي والدي الحدث، أو وليه خلال 48 ساعة منصدورها بواسطة رسالة موصي عليهامع طلب علم الوصول، وهي تدابير غير قابلة للطعن بأى طريق من طرق الطعن حسب المادة 14من الامر 72/03، وهذا ما يجعلنا نتطرق الي تدابير الحراسة وتدابير الوضع كالتالي :

    1/ تدابير الحراسة : هذه الأخيرة نصت عليها المادة 10 من الأمر 72-03 المشار إليه أعلاه و هي كالآتي:

    - إبقاء القاصر في عائلته.

    -إعادة القاصر لوالده أو لوالديه الذين لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عمن يعاد إليه القاصر .

    - تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة.

    - تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.

    وفي جميع الأحوال يمكن لقاضي الأحداث أن يكلف مصلحة المراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة، بملاحظة القاصر وتقديم كل الحماية له وكذلك المــساعدة الضرورية لتربيته وتكوينه وصحته"

    2/ تدابير الوضع: و هي المنصوص عليها في المادة 11 من نفس الأمر، حيث يجوز لقاضي الأحداث زيادة لما ذكر في المادة 10 أعلاه تقرير بصفة نهائية بعض التدابير ، التي من شأنها حماية الطفولة هذا من جهة ، ومن جهة أخرى عندما تقتضى مصلحته ابعاده عن بيئة عائلته ،فى حالة ما اذا كانت العائلة تمتهن الدعارة ، أو تتعاطى المخذرات والخمور ، أو بعض السلوكات الأخرى التي تؤثر علي تربية الحدث .

    - مركز للإيواء أو المراقبة.

    - مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .

    - بمؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج".

    و في هذا الصدد نشير إلى أن مراكز الإيواء أو المراقبة المنصوص عليها في مواد الأمر 72-03

    المذكور أعلاه يفهم منها المراكز المكلفة برعاية الشباب و الطفولة المنصوص عليها في الأمر رقم 75-64 المؤرخ في 26-09-1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .

    أما المصالح المكلفة بمساعدة الطفولة فيفهم منها ، المراكز المخصصة للأطفال المسعفين طبقا للمرسوم رقم 87-260 المؤرخ في 1-12-1987 المتضمن إنشاء دور الأطفال المسعفين.

    و التدابير المشار إليها سلفا في المادتين 10 و 11 يجب أن تكون في كل الأحوال مقررة لمدة محدودة لا تتجاوز تاريخ إدراك القاصر تمام الحادية و العشرين عاما .

    و يجوز في كل حين لقاضي الأحداث الذي نظر في القضية أولا ، أن يعدل حكمه بصفة تلقائية أو بناء على طلب القاصر أو والديه أو ولي أمره ، و في هذه الحالة الأخيرة وجب عليه النظر فيها خلال الثلاثة الأشهر الموالية لإيداع الطلب و لا يجوز للقاصر أو والديه أو ولي أمره تقديم إلا عريضة واحدة في العام بخصوص التعديل طبقا للمادتين 12 و 13 من نفس الأمر.

    وخلاصة هذا المطلب هو أنه مهما كانت حالات الخطر المعنوي أو التعرض للانحراف السالفة الذكر طبقا للمادة 1 من الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة خطيرة إلا أن التدابير المتخذة من قاضي الأحداث لمواجهتها مجردة من الطابع الجزائي و يطغى عليها الطابع الوقائي و الحمائي التربوي حيث تقتصر أساس على التسليم إلى من يكون أهلا لرعاية الحدث و كذا العناية به سواء كان شخصا أو مؤسسة تربوية.

    المطلب الثاني : مراجعة التدابير في حق الحدث في خطر معنوى:

    ان قاضى الاحداث أناط به المشرع سلطة واسعة منخلال اختيار التدبير المناسب، في حق الحدث وذلكمنأجل حمايته، وحماية مصالحه، ومادامت هذه التدابير تهدف الى تهذيب الحدث ، فانه من الضروري على القاضي مراجعتها بما يخدم مصلحة الحدث ، وهذا ما أكدته المادة 13 من الأمر 72/03 ،وسوف نتناول ذلك من خلال حدود سلطة القاضى في المراجعة، والمسائل العارضة أثناء التنفيذ .

     الفرع الأول: حدود سلطة القاضى في المراجعة:   

    من خلال المادة 13 من الأمر 72/03 نلاحظ أن المشرع الجزائري أعطى سلطة للقاضى في مراجعة التدابير المتخذة في حق الحدث في خطر معنوي ن والملاحظ أن القاضى اما يخفف أو يشدد من التدبير المتخذ، كما ان التدبير اما يكون تلقائيا أو يكون من خلال طلب، لذلك فان القاضى يمكن له مراجعة التدابير المقررة في المادة 10-11 من الأمر نفسه تلقائيا ، وهي لا تكتسي حجية الشىء المقضى فيه، وهذا يسمح للقاضى بمراجعتها في أى وقت، يتضح من ذلك أنها سلطة تقديرية للقاضى وليس له أن يسبب أمر أو المراجعة، كما يمكن ان يتم المراجة بناء علي طلب حسب المادة ال13 من الأمر نفسه من القاصر، او ولديه، او وليه، الا أنه لم يمنح هذا الاختصاص الي وكيل الجمهورية، هل يعنى هذا أن النيابة العامة ليس لها الحق في طلب المراجعة وهي تخطر من طرف قاضى التحقيق،من أجل الاطلاع عليه فقط ،وبعتبار أن النيابة العامة دورها يتمثل في المحافظة علي النظامالعام ، كان من الأجدر أن تقدم النيابة الطلبات للتكفل بالحدث في خطر معنوي، وبخصوص الشروط الواجب توفرها في الطلب، من خلالها وجب علي القاضى الفصل في الطلب في الثلاثة أشهرالتي تلي تقديم الطلب، لما وضع المشرع شرط ثاني علي أنه لا يجوز للقاصر أو ولي أمره، أو ولديه أن يتقدموا من أجل طلب الغاء الاجراء أو تعديله الا بعد مرور سنة من العريضة الأولي،وان كل القرارات معفاة من اجراءات الطابع والتسجيل وفقا لما تضمنته المادة 19 من الامر 72/03 .

    الفرع الثاني :المسائل العارضة أثناء تنفيذ التدبير:

    الملاحظ ان المشرع الجزائرى لم يورد تعريف فيما يخص المسائل العارضة ،وبالمفهوم المعاكس نرى أنه ترك ذلك للقاضى حسب اختصاصه المخول له قانونا، فالمسائل العارضة هى ظرف جديد يطرأ أثناء تنفيذ الاجراء أوالتدبيرالمتخذ من قبل قاضى الأحداث يعيق تنفيذ ذلك ويستدعي اعادة النظر في الاجراء الأصلي، ومثال ذلك ظهور أولياء الحدث الذى أمر القاضى بوضعه في احدى المراكز المتخصصة التي نص عليها الأمر 72/03، وابداء استعدادهم بالتكفل بابنهم القاصر.

    ان تدابير الأمن قابلة للمراجعة، حسب تطور حالة الخطورة، فان كانت العقوبة محددة بصفة نهائية ولها حجية الشىء المقضي فيه، فان ما يصدر عن القضاء من أحكام بشأن الخطورة الاجرامية يكون قابل للمراجعة، ذلك ان تدبير الأمن المحكوم به جاء من أجل معالجة حالة خطورة،ومن ثم وجب تعديل التدبير، يترتب عما سبق ذكره أنالجهة القضائية لا تتنحى بمجرد صدور التدبير وانما تبقى مختصة بمراقبة تنفيذ التدبير، وهذا ما نصت عليه المادة 19 من قانون العقوبات في الفقرة الاخيرة، ونصت عليه المادة 13 من الأمر 72/03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة ،وهونفس الحكم جاء في المادة 482 من قانون الاجراءات الجزائية ،كل ما تم ذكره يعتبر من أهم الخصائص المكونةللتدابير الأمنية بالاضافة الي وجوبية صدور التدبير من جهة قضائية ،وخضوعه لمبدأ الشرعية .